حب الظهور وابراز الشخصية رغبة من الرغبات التي يسعى الفرد الى تحقيقها ... ولكن
الاندفاع الشديد في ذلك له كثير من المساوئ منها أن الفرد قد يضطر في سبيل ذلك الى أن
يدوس على رغبات الاخرين فيحرمهم من بعض ملذاتهم .. وقد يتعدى هذا الاندفاع الحد
المطلوب فيؤدي الى خنق الرغبات الأخرى عند الفرد نفسه ...
ولا يخفى مافي هذا الأسلوب من خطورة قد تؤدي بالفرد الى أن يصبح مستبدا مع نفسه ..
دكتاتورا في علاقاته مع غيره .. وقد ينفذ رغبة فيفتح تنفيذها السبيل الى رغبة اخرى أشد
منها وأصعب منالا ... وهكذا يتوالى الاندفاع التدرجي الى أن يخرج عن نطاق الطاقة
البشرية وقابلياتها ..
يروى عن الاسكندر الفاتح انه كان متصفا بحب الاستيلاء وقد نمت فيه هذه الرغبة وكبرت
بتوالي الأيام مع زيادة سيطرته واتساع مجال نفوذه .. ولما لم يبق في الأرض شئ يسيطر
عليه .. ادعى الربوبية ونصب نفسه الها ...
الحرية الشخصية :
قد يرى أحدنا أن من حقه أن يمر من أمام الناس وهم يشاهدون
فيلما في السينما أو على التلفزيون او يسحب كرسيا ليجلس مسببا بذلك صوتا مزعجا
أو يلقي التحية على أحد المشاهدين أو يدخن في المحلات والأماكن المزدحمة ... يقولون
ان ذلك سوء أدب منه ... ويرى هوا أنه لم يقم بشئ غير ممارسة حريته الشخصية فما
الذي يجعل سحب الكرسي بصوت عالي مخالفا للأدب !!!
وماالسبب في ان الكلام في أثناء مشاهدة الفيلم مخالفة اجتماعية ؟؟؟
حرية الفرد :
يخال الفرد أن الكلام نوع من الحرية الشخصية في الحياة اليومية .. ومن يعترض عليه
يعترض على حريته .. ويريد الاعتداء عليها .. ولكن المنطق الاجتماعي يقضي أن الكلام
في مثل هذا الموقف أو الاحتجاج هو النتقص من الشخصية والهادم لها ...
فالصوت الناشئ عن سحب الكرسي..وكلام المتكلم .. لا يصيبان أجسام السامعين .. ولا
يمس شخصياتهم الفردية مايطبع ممارس هذه المخالفة بطابع حب الذات البدائي حب لنفسه
وعدم احترام لغيره ..
ان حب الذات لا ضير منه بل هوا ضروري في تكوين الطموح ودفع الانسان الى المنافسة
والتقدم على أن تكون المنافسة شريفة وبناءه ..
أما اذا كان حب الذات دافعا بالانسان الى عدم المبالاة وفقدان الاحترام فهو اذا سوء سلوك
لا تقره أصول اللياقة والأدب ..
الانسان حر في أن يعمل مايشاء .. وماتوحيه اليه ذاته ولكنه متى مس حريات الاخرين فقد
سقط حقه وأصبح معتديا يلزم كبت حريته التي كانت سبب هذا الاعتداء ...
حب الذات البدائي :
ان حب الذات هذا هو من النوع البدائي ..ومن صفات صاحبه أن يأخذ ولا يعطي .. يأخذ
الحرية لنفسه ولاتهمه حرية غيره .. يريد المتعة في الحياة ولا يهمه ان كانت متعته سببا
في ايلام غيره ..
ربما حقق هذا الانسان لنفسه لذائذ فردية محدودة .. فيتصور أنه على أبواب السعادة وأن
أسلوب السيطرة هوا الذي يحقق له الشخصية النفاذة .. ولا يدري أن الشخصية القوية
لا تقاس بمدى ماينال لنفسه من متع وملذات فردية .. بل بمدى حصوله على احترام الناس
وتقديرهم .. والاحترام هذا ينبع في رضاهم عن تصرفاته وحبهم لسلوكه وحب الناس لا
يحصل الا متى ماضحى في سبيلهم ببعض وقته واهتمامه .. وبحث عما يرغبون .. بدل
بحثه عما تحب ذاته وترغب .....
نقلته من كتاب
"الشخصية بين النجاح والفشل "
(ماتنسوا تشاركونا ارائكم
)
وتقبلوا تحياتي
[i]جنان